سياسة المشاهير

قررت أن أكون من المشاهير .. ناشطةً سياسيةً مجهولة المضمون .. سأقلد زوّار ذلك المقهى العريق .. ستبدؤ الليلة مراسيم التمثيل .. دخلت من بوابة المقهى .. جلست في آخر الصف البعيد .. نظرت للحضور بإشمئزاز وتحقير .. طلبت القهوة التركية برغوة الينسون .. هكذا أريدها قلت للجرسون .. أخرجت من معطفي القلم الصغير .. كتبت في أول السطر عنوان التضليل .. السياسة الرأسمالية في هبوط .. أعلم أن هناك من يراقب الخطوط .. رجعت للوراء وأوهمتهم بالتفكير .. أخرجت علبة السيجار من جيب القميص .. بحثت عن علبة الثقاب دونما تفكير .. جاءني من يحمل الثقاب وينحني .. عينه تراقب الأوراق .. تعمدت دس علبة الثقاب .. غاب دقيقتين ثم جاء من جديد .. عبارتك لا تخرج من شخص ضعيف .. تحاليلك السياسية توازي أفكار القليل .. من أنت يا سيدتي .. هكذا يظنني خطيرة التمثيل .. فقلت له تفضّل بالجلوس .. أنا فريدة من نوع الغموض ..  فكري شيوعيّ السياسة .. قلمي رأسمالي الحروف .. علمانية كل ثوراتي .. في داخلي حقد اليهود .. إلتحقت بحزب المعارضة .. جعلوني كبيرة الشيوخ .. فقال أين إنجازاتك .. أين تطبيق العلوم .. جاوبته بأبشع الحروف .. جاهلٌ لا تعرف مقامات العموم .. غيرت مستقبل البرتغال في دقيقتين .. سافرت للمريخ من أجل العلوم .. قال لي أذهلتِني قولي المزيد .. فقلت له تعبت من كثرة الهموم .. أفكر أن أتقاعد من جديد .. سأحتسي النبيذ في الصباح .. أطلق الدخان من أنفي .. سيجارة المساء تبعد التبريد .. سأعلنها بالعربي الفصيح .. لؤماء أنتم يا جنس الرجال .. قال لي عظيمة يا سيدة الجميع .. وصفّق لي كافة الحضور .. سألته من أنت يا غريب .. قال لي يا سيدتي أنا العبد لله الفقير .. جئت من بعيد أقصد التمثيل .. وأوهم الناس بالعلم الكبير .. لكنني رأيتك وأدركت اليقين .. للعظمة أناس شأنهم كبير .. أضحكتني يا أفقر الجميع .. لملمت أوراقي ورحلت للبيت الصغير .. دفعت كل مدخراتي فاتورة المقهى العريق .. ظننتي أوهمتهم بأنني الشاهين .. لكنني لم أجتذب إلا الضعيف .. أردت أن أكون من المشاهير .. وأجمع المال من أغبى المماليك .. عرفت بعدها أنني أخطات التحليل .. مشاهير السياسة تختبئ في كهوف .. ومقاهي الليل موطن الفارغين ..

هناك تعليق واحد:

Jamal AlAbri يقول...

مشاهير السياسة تختبئ في الكهوف ومقاهي الليل موطن الفارغين!! .. كم جميله هذه النهاية لسردك الرائع
لكي كل التحيات
جمال العبري