قد حان وقت الرحيل ..
لا تغادرني ..
لا تسافر للفراق ..
فأصوات الرعود مخيفةٌ ..
والليل تنقصهُ المُضيئات ..
نزل الغمام على فؤادي مثلما الأمطار ..
وتطاولت شمس الغروب على شروق وجنات النهار ..
حتى زهور الأقحوان ..
هجرت فناء مدينةٍ كان يأويها الجمال ..
وتحدثت كل الجرائد عن الفراق ..
لا شاعرٌ يتعفف ..
ولا بالخير تذكرنا الأقلام ..
من أين جئت بفكرة الفراق ..
أَ صدفةٌ هي أم أنها النزوات ..
أم أنها عاداتُ أصحاب المقامات ..
أم أن تاريخ الحياة مُقيدٌ بالوداعات ..
أم أنهُ قدري لأعيش في رِثاء ..
قد حان وقت الرحيل ..
أعطني عوداً أدندن عليه دبكات الفراق ..
فأنغام الطيور لا تستهويني ..
ويزعجني تصفيق أوراق الشجيرات ..
لا تسكب القهوة في فنجاني ..
لا أريدها أن تذكرني برائحة الفراق ..
لا تقترب مني ..
لا تقبل جبيني ..
فبعض القبلات عارٌ والعار أشد من الفراق ..
قد كان لي فرحٌ وكان لي عنوان ..
وكان لي ربيعٌ يسكنني منذ أعوام ..
وكان لي إسمٌ رباعي الحروف ..
وكان لي ما لم يكن لي ..
الآن أدركت المحال ..
قد حان وقت الرحيل ..
جوارحي لا تدري ما هو الرحيل ..
وقلم الكحل ينتظر مني رسم ذات النواعيس ..
ماذا أرتدي ..!
ربيع فساتيني لا يليق بالمفارقين ..
الحرير موجعٌ والمجوهرات قيود ..
أحلالٌ هي العطور أم أنها زقوم ..
ماذا فعلت بي ..
الحزن بيتي والمُبكيات هواء ..
وبلابل العشاق ماتت قبل تاريخ النهار ..
ما كان ينقصنا الرحيل ..
ما كان للغرباء أن يجدوا عناوين الهجاء ..
ما كانت الأسرار تؤذينا ..
ما كان للعمر ذنبٌ في قرارات العناء ..
قد حان وقت الرحيل ..
أضعت مُرشدتي وبوصَلتي عيناك ..
وتكسرت فوق السلالم مجاديف النجاة ..
وبكيت حزناً أبدياً خالداً من الأعماق ..
وصرخت من خوفي وا حبيباه ..
أُناجيني وأناجيك وأرتجي اللقاء ..
أمي أنت وأبي وما للوالدين من بدلاء ..
الذكريات تهاجمني وأنت على باب الفراق ..
والموت يحدق بي وأنا أُناديه كالبلهاء ..
لا أحد يعينني ولا أنا للعون أشتاق ..
إن الفراق مقدرٌ والصبر عنوان الشقاء ..
وعزاء نبضاتي بأني لم أشاركك الجفاء ..
كل المرافئ قد أضلّت مركبي ..
كل المنارات أضاعتني ..
كل النجوم الدليلات أهملتني ..
كلها غدرت بي حين نَطقت بأنه ..
قد حان وقت الرحيل ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق